جيل الإسلام وجيل الأوهام
بقلم الشاعر عبد الله ضراب الجزائري
***
من المفارقات التي تحيّر العقول أن يعشق الإنسانُ عدوَّه ويتعلَّق المجلودُ بجلاده الذي
يكنُّ له المضرَّة و المذلَّة والشقاء, ويتنكَّر للأيدي الحانية والقلوب
الحنونة,التي تحمل له الكرامة والسّلامة والهناء,هّذا حال جيل في المغرب العربي
تنكّر لدين آبائه وتعلّق بذيول أعدائه,جهلا وطمعا وغباء
والقصيدة تصوّر الفضيحة وتُسدي النصيحة
***
عَجِبَتْ عقولُ السَّادةِ الأحرار ... من عاشقٍ لمصادر الأضرارِ
يهوى القذارةَ والأذى مُتبجِّحًا ... يبغي العمى ويضيقُ بالأنوارِ
يَلْقَ الصَّديقَ مُكشِّرًا مُتنكِّرًا ... ويُعاملُ الأعداءَ بالإكبارِ
يأبى السَّعادة والهدى لحماقةٍ ... ويفرُّ نحو الكفر والأكدارِ
تلك الدَّسائسُ سمَّمتْ جيلَ الهوى ... ومصائبٌ طالته بالأقدارِ
* * * * *
فَسَلِ المغاربةَ الذينَ تَرَومُوا ... مَنْ دَسَّهمْ في وصمةِ البَرْبَارِ1
من عاثَ ظلما في السُّهولِ فدُحِّرُوا ... نحو الشَّواهقِ أو رُبى الإقفارِ
من سامَهُمْ خِزْيَ العبيد فمُزِّقُوا ... للَّهْوِ ظلماً في جَوَى المِضْمارِ
من كان يجهلُ فالمعالم جمَّةٌ ... تروي الحقيقةَ في حِمَى الآثارِ
مَن جاءهمْ بعد الهوانِ فحُرِّرُوا ... و دعاهمُو بالسَّادة الأحرارِ
ألقى لهم ثِقْلَ الأمانة فانبرَوْا ... يَدعونَ للإسلامِ في الأمصارِ
ذا طارقٌ خاضَ البحارَ مُناصرًا ... للدِّين يحدو زمرة الأخيارِ
في فتيةٍ خَبِرُوا الهدى فاسْتمسَكوا ... أفنوا عليه فُتُوَّةَ الأعمارِ
قد أَعْمَلُوا نورَ العقولِ فأبصروا ... وتفهَّمُوا لدقائقِ الأسرارِ
سلكوا سبيلَ الصَّالحين وجانبوا ... درب الضَّياع وسنَّة الفجَّارِ
أحْنوْا على الذِّكرِ العَظيم فَعُرِّبُوا ... كي ينهلوا من منبعِ الأنوارِ
تبِعُوا الرَّسول فسبَّحَوا بلسانهِ ... حُبُّ العروبةِ من هدى الجبَّارِ
وتفقَّهوا في دينه فتديَّنوا ... بالحبِّ والإخلاصِ و الإصرارِ
لم يقطعوا حبلَ الإخاءِ لنعرةٍ ... عصبيَّةٍ موخومة الأخطارِ
حتَّى أتى جيلٌ تفلَّتَ وعيُهُ ... يستاقه رهطٌ من الأغرارِ
عاثتْ به كفُّ العِدى حتَّى غدا ... يُرمى إلى الآفات والأكدارِ
أهواؤهُ مثل الزَّوابع شدَّةً ... والقلب فيه صلائبُ الأحجارِ
أودى به ضرُّ الغرور فقد سعى ... حُمْقاً إلى الإسفاف والإنكارِ
وأرادها رغم الزَّمانِ قطيعةً ... ثمَّ ارتماءً في قذى الكفَّارِ
ابنُ الصَّليب غريمُكم يا من رمى ... عزَّ الحياة لسافل الأوطارِ
يا جاهلا مُتعالماً سَلْ عالِماً ... عن أمَّة الإرهاب والإضرارِ
اسألهُ عن قِسٍّ أتى ومُدَمِّرٍ ... سمَّى الدَّمارَ بلفظة الإعمارِ
كم هتَّكُوا عرضَ الحرائرِ واعتدوْا ... كم ذبَّحوا أو حرَّقوا في الغارِ
كم جَوَّعوا إبنَ البلادِ ورزقُه ... جَمٌّ يُعَبُّ بآلةِ الإبحارِ
كم شرَّدوا مِن مَالكٍ ومُقاوِمٍ ... واستوطنوا بصلافةٍ في الدَّارِ
لم يرحموا الشِّلْوَ الطَّريحَ لعِرقِهِ ... رُمِيَ الجميعُ بشهوةِ الإقبارِ
الوَنشَرِيسُ وجُرْجُرَا ومعالمٌ ... أخرى تُؤكِّدُ صادق الأخبارِ
لمَّا أتى النَّصرُ الثَّقيلُ وحَرِّرَتْ ... أرضَ التَّآخي وحدةُ الثوَّارِ
عادَ البغيضُ إلى الحِمَى مُتنكِّرًا ... يُوهى الرِّباط َبماكرِ الأوزارِ
أوحى إلى جبلِ الهوى عصبيةً ... أذكتْ لهيبَ الغلِّ في الأغوارِ
* * * * * *
ياهائمًا بالكفرِ والعهْرِ انتبهْ ... غاصت بك الأهواءُ في الأخطارِ
إن تستقِمْ تسعَدْ وإنْ تأبَ الهُدَى ... تَهْلَكْ وتخلدْ ثَاوِياً في النَّارِ
فاخترْ بعقلكَ لا ببطنكَ في الورى ... بين الهدى وسفاهةِ الأشرارِ
وفضيلةٍ تسمو بها مُتنزِّهاً ... ورذيلةٍ تهوِي بها في العار