الصَّمْتُ
:::::::::::::
يَا أُُمَّةً كَغُثَاءِ السَّيْلِ تَنْجَرِفُ
أعْيَا بِكِ الضَّعْفُ أَمْ أَصْنَى بِكِ الخَلَفُ
إنَّا لَنَنْفُرُ مِنْ ذُلٍ أَصَابَكُمُ
إلى مَتَى جَمْعُكُمْ يَصْحُو ويَأْتَلِفُ
أَمَأْتَمٌ بَعْدَ هَذَا الحُزْنِ أمْ فَرَحٌ
أَمْ إنَّ أَمْرًا بِخَلفِ الصَّمْتِ يَكْتَنِفُ
يَا أهْلَ غَزَّةَ عَفْوًا مَا بِنَا رَجُلٌ
عُضْوُ التَّنَاسُلِ خُنْثَى مَا بِهِ نُطَفُ
لاتَسْألُوا عَنَّنَا الأَودَاجُ قَدْ فُصِدَتْ
لَمْ يَبْقَ في الوَجْهِ إلَّا العَارُ والكَلَفُ
تَفَرَّقَ الشَّمْلُ وَانْهَارَتْ عُرُوبَتُنَا
في جَوهَرِ الدِّيْنِ بِالاراء نَخْتَلِفُ
شِفَاةُ قَادَاتِنَا بِالصَّمْتِ مُطْبِقَةٌ
وَمِنْ وَرَاءِ جِدَارٍ ضِدَّكُمْ وَقَفُوا
وجَيْشُنَا قَدْ بَدَت لِلعَيْنِ سَوْءَتُهُ
لَكِنَّ في بُرْقُعِ النِّسْوَانِ يَلتَحِفُ
حُبُّ الزُّعَامَةِ قَدْ أَعْمَى بَصِيْرَتَهُمْ
والوَجهُ عَنْ مِلَّةِ الإسْلَامِ مُنْحَرِفُ
وخَلفَهُمْ غَيْمَةٌ غَطَّتْ مَسَاوِئَهُمُ
فِيْهَا الفُجُورُ وَفِيْهَا فَوقَ مَا أَصِفُ
لقَدْ أعَدُّوا لَكِ الأكْفَانَ مُسْبَقَةً
حَيْثُ التَّمَاثِلُ بِالكُفَّارِ تَعْتَرِفُ
تَعَانَقُوا بِبَنِي صَهْيُونَ وَاخْتَلَطُوا
مُسْتَأنِسِيْنَ بِهُمْ مِنَ خَمْرِهِمْ رَشَفُوا
نَفْسُ الرُّؤى نَهْجُهُمْ لَا فَرَقَ بَيْنَهُمُ
أَدُّوا التَّحِيَّةَ لِلرُّهْبَانَ وَاعْتَكَفُوا
الحَبْلُ في جِيْدِهِمْ قُطْعَانُ مَاشِيَةٍ
صِهيُونُ رَاعٍ لَهُمْ في حِضْنِهِ الكَنَفُ
وَنَصَّبُوهُمْ عَلَى أَوطَانِ أُمَّتِنَا
والشَّعْبُ مُلكٌ لَهُم أَوْصَى بِهِ السَّلَفُ
لَا تَجْرِيَ الخَيْلُ في مِضْمَارِهَا أَبَدًا
بَلْ حَيْثُمَا شَدَّهَا صِهْيْونُ والعَلَفُ
يَاحَاكِمِيْنَ تَبَدَّتْ كُلُّ خَافِيَةٍ
قَدْ أَخْبَرَتْنَا بِمَا تُخْفُونَهُ الجِيَفُ
طُوفَانْ غَزَّةَ قَدْ عَرَّى تَآمُرَكُمْ
مَا غَابَ بِالأَمْسِ هَذَا اليَومُ يَنْكَشِفُ
رُؤُوسُكُمْ في حَضِيْضِ الوَحْلِ قَدْ سَقَطَتْ
فَلتَغْسُلُوهَا إذَا كَانَ لكُمْ شَرَفُ
يَامَنَ غَسَلتُمْ حَبِيْنَ القُدْسِ مِنْ دَمِكُمْ
وَسَيْفُكُمْ بَاتِرٌ في حَدِّهِ التَّلفُ
وَشَمْسُكُمْ في مَدَارِ الكَونِ سَاطِعَةٌ
وَلَيْلُكُم مُقْمِرٌ مَا حَفَّهُ السَّدفُ
اللهُ أَكْرَمُ مَنْ تَرْجُونَ نَصْرَتَهُ
هُوالنَّصِيْرُ وَلَا في حُكْمِهِ جَنَفُ
لَا تَأْمَنْوا وِدَّهُمْ لَيْسُوا أَخَى ثِقَةٍ
لَا يَصْدِقُونَ لَكُمْ حَتَّى وَإنْ حَلَفُوا
قَبْرُ الخِيَانَاتِ مَزْرُوعٌ بِدَاخِلِهُمْ
الكُلُّ مِنْ مَنْهَلِ الضَّحْضَاحِ يَغْتَرِفُ
بَاعُوا العُرُوبَةَ في بَخْسٍ بِلَا ثَمَنٍ
إثْمًا وَزُورًا وَبُهْتَانًا قَدِ اقْتَرَفُوا
يَاحَاكِمَ العُرْبِ قَدْ أَصْبَحَتَ إِمَّعَةً
وَبِالرُّعُونَةِ وَلإذْلَالِ تَتَّصِفُ
مَا ذَا تَقُولُونَ حِينَ اللهِ يَسْأَلُكُمْ
عَضُّ الأَنَامِلِ لَا يُجْدِي وَلَا الأَسَفُ
لَو بَيْرَقُ العِزِّ وَالإسْلَامِ أَثْقَلَكُمْ
كُفُّوا عَنِ السَّيْرِ نَحْو الكُفْرِ وَانْصَرِفُوا
نَحْنُ الَّذِيْنَ إذَا مَاعَاهَدُوا صَدَقُوا
لَا يَنْثَنِي عَزْمُنَا هَيْهَاتَ يَنْعَطِفُ
وذُو اللِّحَاءِ عَلَى مِحْرَابِهِمْ صَعِدُوا
كَبَبَّغَاءٍ عَلَى مَا لُقِّنُوا هَتَفُوا
ضَمُّوا الأَيَادِي إلى أَعَطَافِ سَادَتِهِمْ
لَمْ يَنْحَسِرْ صَمْتُهُمْ أَعْيَاهُمُ السَّرفُ
مَنْ يَاتُرَى عِنْدَ رَبِّ الكَونِ مُنْقِذُهُمْ
يَومًا بِهِ العَقْلُ وَالأَنْظَارُ تُخْتَطَفُ
قُولُوا لِصِهْيُونَ لَانَخْشَى قَنَابِلَكُمْ
وَلَا الَّذِيْنَ عَلَى أَنْغَامِكُمْ عَزَفُوا
مَابَيْنَ غَمْضَةِ عَيْنٍ وَانْتِبَاهَتِهَا
صَبْيِحَةُ السَّبْتِ بَانَ الزَّيْفُ وَالصَّلَفُ
رَايَاتُكُمْ قَدْ تَدَلَّتْ تَحْتَ أَرْجُلِنَا
وَسُورُكُمْ مِنْ لَظَى النِّيْرَانِ ينْتَسِفُ
رَئِيسُكُمْ دَبَّ فِيْهِ الخَوفُ مُضْطَرِبًا
مُسْتَغْرِقًا في ذُهُولٍ عَقْلُهُ خَرِفُ
وَقَائِدُ الجَيْشِ وَلَّى شَارِدًا وَجِلًا
مِنْ شِدَّةِ الهَولِ مِثْلُ الطِّفْلِ يَرْتَجِفُ
مَا أَنْتُمُ إلَّا تَمَاثِيْلٌ مُجَوَّفَةٌ
لَا بَلْ وَأَنْتُمْ أمَامَ ابْطَالِنَا تُحَفُ
جَاسُوا وَدَاسُوا عَلَى أَعْنَاقِ قَادَتِكُمْ
وَكُلُّ دَبَّابَةٍ كَالعُودِ تَقْتَصِفُ
هَذَا نَذِيْرٌ لَكُمْ قَدْ جَاءَ مَوعِدُكُمْ
لَنْ يُخْلِفَ اللهُ وَعْدًا إنَّكُمْ هَدَفُ
جِئْتُمْ لَفِيْفًا وَهَذَا وَعْدُ أَوَّلِكُمْ
قَدْ أَخْبَرَتْنْا بِهِ الأَسْفَارُ وَالصُّحُفُ
أَلَمْ تَرَوا أُمَّةً مِنْ قَبْلِكُمْ سَبَقُوا
أَمَا اتَّعَظْتُمْ بِهِمْ أَمْ مَا بِكُمْ حَصَفُ
فَأِصْبَحُوا لَايُرَى إلَّا مَسَاكِنُهُمْ
الأَرْضْ مَاجَتْ بِهِمْ في لَحْظَةٍ خُسِفُوا
يَاقُدْسُ ذِكْرَاكِ في قَلبِي يُلَازِمُنِي
وَكَيْفَ أَنْسَى وفي أَحْشَائَي الشَّغَفُ
فَمَا لَنَا حِيْلةٌ غَيْرُ الدُّعَاءِ لَكُمْ
الوَيْل أَضْنَى بَِنا والجَورُ والشَّظَفُ
السَّوطُ يَجْلُدُني وَالقَيْدُ في قَدَمِي
لَا أَسْتَطِيْعُ مَجِيْئًا إِنَّنِي دَنِفُ
يَالَيْتَ شِعْرِي إلى القُدْسِ سَيَحْملُنِي
وَلَيْتَ رُوحِي دِفَاعًا حَولَهُ يَقِفُ
عبدالرب محمد ناجي
المكَنَّى بأبي مروان السعيدي
اليمن