اِنٍثِيَالاتٌ الأَدِيْمِ
زَجَلُ المَوَاسِمِ حِيْنَ يَخْطُرُ (عَارِي)
هَزَلُ الأمَاسِيْ العَاثِرَاتِ جِوَارِي
جَذَلُ المَآتِمِ ، وارْتِدَادَاتُ الأسَى
جَدَلُ الأمَانِي ، حِشْمَةُ الأعْذَارِ
بَلَلُ المَشَاعِرِ حِيْنَ يُكْشَفُ زَيْفُهَا
أمَلُ الغِيَابِ ، وجَاهَةُ الأسْفَارِ !!
وَجَلُ المَسَافَاتِ البَعِيدَةِ حِيْنَمَا
نَجْتَرُّهُ غُصَصًا بغيرِ خِيَارِ
مَلَلُ البُعَادِ ، مَلَاحِمُ الأَحْلَامِ فِي
قَلْبِ الغَرِيْبِ ، تَشَتُّتُ الأَفْكَارِ
خَجَلُ الفَقِيْرِ يَدَسُّ شُقَّ قَمِيْصِهِ
بِيَدٍ ، وبِالأُخْرَىْ عُرَى الأَزْرَارِ
خَبَلُ الكَريْمِ وقد تَبَدَّلَ حَالُهُ
فَبَدَا ضَئِيْلَ القَدْرِ والمِقْدَارِ
شَلَلُ الثَّوَانِي في مَهَابَةِ صَمْتِهَا
وهَوَاجِسِي وَتَرَدُّدِي وحَذَارِي
إشْرَاقُهَا الطَّاغِي حَلَى قسَمَاتِها
إغْرَاؤُهَا المَحْفُوْفُ بِالأخْطَارِ
تِسْآلُهَا حَوْلَ انْطِبَاعَاتِي وقَدْ
أذْكَى التَّسَاؤلُ حِدَّةَ استِفسَاري
أتُجَسِّدُ المَعَنَى الدَّخِيْلَ بِطَبٍعِهَا
أم تَسْتَحِثُّ بِفِعْلِهَا استِنكَارِي ؟!
***
مَاقَوْلُهَا فِي حَيْرَتِي وجُمُوْحِهَا ؟!
مَاقَوْلُهَا فِي هَزْلِهَا وَوَقَارِي ؟!
يَغْلِي السُّؤالُ وَلَيْسَ ثَمَّةَ مَوْرِدٌ
يشْفِي غَلِيْلَ المُذْهَلِ المُحْتَارِ !
***
يالَلْخَيَالَ الغِرَّ كَيْفَ يَبِرُّهَا
وَهِيَ العَصِيَّةُ لا تَبِرُّ بِجَارِ !
كم أمْعَنَتْ في دَحْرِ كُلِّ دَلَالةٍ
تَوْحِي إليْهَا بِاتِّقَادِ أُوَارِي !
واسْتَهْنَأَتْ كُلَّ انْثِيَالٍ مُرهِقٍ
لِتُطِيْلَ في هَذَا الرُّكُوْدِ سُعَارِي
***
هذا التَّقُوُّضُ وَحْدُهُ يَكْفِي إِِذَاْ
رَغِبَتْ بِنَيْلِ القَصْدِ باسْتِحْسَارِي
لَكِنَّهَا والوُدُّ خَابَ بِعُرْفِهَا
تَتَعَمَّدُ التَّعْمِيْمَ فِي إخسَارِي
***
مَا عُدْتُ أُدْرِكُ أَيُّنَا مُتَجَاوِزٌ
أَهِيَ العَنِيْدَةُ أمْ أنَا المُتَمَارِي ؟
أَوَكُلَّمَا قَيْظِي احْتَمَى بِظِلَالِهَا
زَجَّتْ بِهِ في لُجَّةِ الإِعْصَارِ ؟!
تَرَسَانَةُ الأشْجَانِ تَمْخَرُ في دَمِي
وعلى شَمَارِيْخِ الشُّجُونِ مَسَارِي
بَيْنِي وبينَ وِئَامِهَا مَصفُوفَةٌ
أُخْرَى مِن الإضْمَارِ والإظْهَارِ
ضِدَّانِ نَحنُ على النَّقِيْضِ شِعَارُهَا
نِصْفُ الحَقِيْقَةِ والوُضُوْحُ شِعَارِي
جَدَلِيَّةُ الأَطْوَارِ إنْ صَافَيْتُهَا
تَتَصَيَّدِ الهَفَوَاتِ من أَغْوَارِي !
وإذا بَدَوْتُ مُخَاصِمًا ومُعَانِدًا
دَأبَتْ لِتُعْلِنَ وَحْدَهَا إكْبَارِي !
في صَمْتِهَا عَيِّيْ وفي إقدَامِهَا
غَيِّيْ وفي طَفَرَاتِهَا إبْهَارِي
هيَ ثَوْرَةٌ من لا اكْتِفَاءٍ كُلَّمَا
قَاطَعْتُهَا لا يَسْتَقِرُّ قَرَارِي
***
كُلُّ انْجِذَابٍ لمْ يَكُنْ مِن أجْلِها
عِبءٌ تَطُوْلُ بِزَيْفِهِ أَوْزَارِي
كُلُّ انْكِسَارٍ مُثْقِلٍ أََشْقَى بِهِ
هُوَ آيَةٌ كُبْرَى على اسْتِشْعَاري
مَعَهَا لَهَا وبِهَا جَمِيعُ هَوَاجِسِي
في كُلِّ حَالٍ سَاكِنٍ أو جَارِ
وهِيَ الَّتِي فِيهَا تَتُوْهُ خَوَاطِرِي
وهِيَ الَّتِي تَشْدُو بِهَا أوْتَارِي
***
ما قيمةُ الكَلِمَاتِ إنْ لم نُروِهَا
طِيْبًا يُهَوِّنُ قَسْوَةَ الأكْدَارِ
ما قيمةُ الهَمَسَاتِ إنْ لم نُصْلِهَا
وَصْلًا يُهَيِّجْ بَسْمَةَ الأقمَارِ ؟
ما قيمةُ الأيَّامِ إنْ لم نُفْنِهَا
بالصِّدْقِ والإخِلَاصِ والإيْثَارِ ؟
ما قيمةُ الأشيَاءِ إنْ لم نُعْطِهَا
حَقَّ الحَيَاةِ ومُتعَةَ الإبْهَارِ ؟
***
هذا التَّدَفُّقُ أنتِ أنتِ هُطُوْلُهُ
وهَدِيْرُهُ المَبْعُوْثُ فِي اسْتِحْضَارِي
أنتِ انْهِمَارٌ مُلْهِمٌ بِصَبِيْبِهِ
وأنا الرَّبِيْعُ يَفُوحُ بالأَزْهَارِ
فَتَأَرَّجِي أو فَامْنَعِي أزْهَارَهُ
مِن أنْ تَضُوْعَ بِعَرفِهَا الفَوَّارِ
ولكِ الحُضُوْرُ الآنْ فابْتَهِلي بِهِ
فأنا هُنَا هَا قَدْ حَسَمْتُ خِيَارِي
***
حَدَّثْتُهَا مِن غَيرِ سِتْرٍ بَعْدَمَا
سَكَبَتْ وِدَادَ الوَصْلِ كالأنهَارِ
فكأنَّها وكأنَّني وحَدِيثُنَا
وكأنَّ وَجْهَ الَّليْلِ دُوْنَ خِمَارِ
كَان الزَّمَانُ يَمُدُّنَا بِصَفَائهِ
وحَدِيْثُها غَيْرَ الحَديثِ السَّاري
***
قَالتْ: سَألتُكَ ما الحَيَاةُ ؟فقلتُ: في
كَنَفِ الحَيَاةِ تَفَاعُلُ الأقدَارِ
قَاْلَتْ : خِيَارُكَ أنْ تُعَالجَ قِصَّتِي
وتُفَنِّدَ الألْغَازَ فِي تَيَّارِي
قُلتُ : الحَقَائقُ لا يَعِيْهَا غَافِلٌ
قَالتْ : فَخُضْ بالجَارِيَاتِ بِحَارِي
قُلْتُ : المَرَاكِبُ في ضِفَافِكِ جَمَّةٌ
ويَدَايَ لا تَقْوَى على الإبْحَارِ
فَتَبَسَّمَتْ وتَكَتَّمَتْ وتَلَمْلَمَتْ
وتَغَلْغَلَتْ كَالضَّوءِ كالأَذْكَارِ
في مُقْلَتِيها ألفُ ألفَ حِكَايةٍ
تَشْفِي الصَّدَى وتَعُجُّ بالأخْبَارِ
وأمامَها قَلبٌ تَمَلَّكَهُ الهَوَى
فَهَوَىَ كَطِفْلِ العَامِ بِالتِّسْيَارِ
***
تَاهَتْ بِقُدَّاسِ الغَرَامِ رِيَاحُنَا
ونَأتْ بِنَا في أوْهُدٍ وقِفَارِ
ودَنَتْ بِنَا الخَفَقَاتُ من أسْوَارِنَا
ورَسَىَ بِنَا التِّرْحَالُ دُونَ صَوَاري
***
عُدْنَا وعَادَ المَدُّ دُونَ تَوَقُّفٍ
ورَبَا لَدَيْنَا التَّوْقُ لِلإِكْثَارِ
مَالَمْ يَكُنْ في البَالِ ضِمن خِيَارِنَا
وَاَفَىَ بِلَا إِذْنٍ وَلَا إِخْطَارِ
***
نازَلتُهَا بِأَنَا فَقَالَتْ : مَا تَرَى
مِن مُتْعَةِ الإحْرَازِ والإهْدَارِ؟
قلتُ : الحَقِيقةُ إنَّنِي مُتَطَرِفٌ
وتُشَكِّلُ الَّلاءَاتُ كُلَّ مَدَارِي
لا أدَّعِي في الذَّاتِ إلَّا عِفَّةً،
تَتَضَخَّمُ الهَفَوَاتُ في مِعْيَاري
لا لاسْتِلَالِ الوَرْدِ من أشْوَاكِهِ
لا لاخْتِلَالِ قَدَاسَةِ التِّذْكَارِ
لا لاحْتِبَاسِ الضَّوْءِ في قَنَوَاتِهِ
لا لالْتِبَاسِ الصَّدِّ بالإضْرَارِ
لا لاشْتِهَاءِ الوُدِّ دونَ تَجَشُّمٍ
لا لانْتِهَاءِ الوَعْدِ بِالإِنْظَارِ
لا زَيْفَ لا إخْلَالَ لا لا إِحْنَةً
لا لِلتَّقَوْقُعِ عِنْدَ كُلِّ مَزَارِ
***
قالتْ : كأنَّكَ لن تَدَع لي فُرْصَةً
أفَلَا أُعَوِّضُ رِحْلَةَ اسْتِصْغَارِي؟
إذْ كُنْتُ في كَفِّ المُنَادِي سِلْعَةً
مَرْهُوْنَةً لِصَفَاقَةِ التُّجَّارُ
لاحَوْلَ لي لاقَدْرَ لي لاشَأنَ لي
إذْ لا قَرَارَ سُوَى قَرَارِ الشَّارِي
مَن يَدَّعِي حُسْنَ الصَّنِيْعِ وهَمُّهُ
جَنْيُ المَكَاسِبِ مِن وَرَاءِ عِثَارِي
في حَضْرَةِ الصَّلَوَاتِ قَلبٌ مُغرَمٌ
وعلى ضِفَافِ الطَّيشِ ذِئبٌ ضَارِ
***
وتَمَدَّدَ الوَصَلُ الغَرِيْبُ لِيَبْتَنِي
عَهْدًا جَدِيْدًا نَادِرَ التِّكرَارِ
مِن بعد إسْفَارِي وبعد هُطُوْلِهَا
وعلى حَوَافِ مِزَاجِهَا البَتَّارِ
ما فوقَ فوقَ العَقلِ دونَ تَصَوُّرٍ
ما بعدَ بعدَ الوَعْيِّ والإشْعَارِ
ما بعدَ بعدَ حَقِيْقَتِي وخَيَالِهَا
ما فَوقَ فوقَ تَوَافُقٍ ونِفَارِ
فَوقَ احْتِمَالٍ لا حُدودَ لِمَدِّهِ
ومَدَىً يُجَاوِزُ قَدرَةَ اسْتِبْصَارِي
كَمُغَامِرٍ لا تَنْتَهِيْ نَزَوَاتُهُ
سَقْفِي السَّمَاءُ وبُعْدُهَا أنْوَارِي
***
نَزَعَتْ غَلَالَاتِ العِنَادِ تَرَغُّبًا
وتَخَلَّصَّتْ مِن كُلِّ زَيْفٍ (طَارِي)
وبِدَمْعِهَا الرَّقْرَاقِ مثل صَفَائِهَا
مَسَحَتْ بِأطرَافِ البَنَانِ غُبَارِي
تَتَدَفَّقُ الآمَالُ مِنْ حَدَقَاتِهَا
كَتَدَفُّقِ النَّسَمَاتِ في الأسْحَارِ
عَفَوِيَّةُ الإدرَاكِ فَائِقَةُ المَدَى
تَتَخَطَّفُ الأَبْصَارَ بِالإبْصَارِ
في كُلِّ مَوْجٍ هَادِرٍ ضَحَكَاتُها
وبِكُلِّ رِيْحٍ شَهْقَةُ الإصرَارِ
تَأثِيْرُها العَالي رِيَاحُ مَشَاعِرِي
وَجُمُوْحُهَا العَاتِي لَظَى أشْعَارِي
منها وفيها كُلُّ حُلْمٍ خَالِدٍ
إن ضَلَّ حُلمِي صَحَّحَتْ تِسْيَاري
فَلَهَا لَهَا أعْطَيْتُ كُلَّ مَدَارِكي
ولَهَا لَهَا أوْلَيْتُ كُلَّ فَخَارِي
***
وتَسَاءَلَتْ خَجْلَى وفي هَمَسَاتِهَا
دِفْءٌ يَمُوجُ كَنَشْوَةِ الإسْكَارِ
مَا قِيمَةُ الإنْسَانِ إنْ أضْحَى بِلَا
ظِلٍ ولا مَعْنَىً ولا أوْطَارِ !
مَا قِيْمَةُ الأَوْطَانِ إنْ ظَلَّتْ بِلَا
يُسْرٍ ولا بِشْرٍ ولا إِنْضَارِ !
؛؛؛
؛
عبدالحميد العامري